أنتهت الحرب إذاً... لا أعلم إن انتصرنا أم لا، و هل انتصرت اسرائيل أم لا، ما أعلمه جيدأً أن صمود المقاومة ومن قبلها الشعب الفلسطيني كان عظيماً.. عظيماً حقاً...
و لا أدعي أنني كنت أملك لاهل غزة أكثر من الدعاء و التبرع المادي، و لهذا سأسمي نفسي من المتفرجين.. الذين يتسمرون أمام التلفاز لساعات و لا تحركهم مشاهد الأشلاء و لا الأطفال المتفحمة.. و جل ما تحركه هو دموع العيون و اللسان السليط الذي وهبنا الله إياه نحن العرب دوناً عن كل شعوب العالم، و كأن الطاقة الجسدية عندنا تذهب للسان فقط و لا يتبقى شيءٌ للجسد.
كنت و ما زلت أعتقد أن المساندة الوحيدة لغزة تتمثل في القتال معها صفاً لصف بالإضافة إلى المعونات الطبية و الغذائية. و لكننا آثرنا تركها و حيدة غريبة تواجه مصيرها المجهول.. و لكنها أثبتت صمودها و كشفت تخاذلنا و ضعفنا و ذلنا.
إزدادت قممنا، ولم تخرج إلا بالورق.. قممٌ جاءت متأخرةٌ كثيراً.. فالقمم لا ترد الطفل أو الأطفال لأمهاتهم و لا ترد الأب أو الأم أو ربما العائلة. و قد سمعت أحد المعلقين يقول أن تأتي متأخراً خبرٌ من أن لا تأتي أبداً.. و أنا أقول ليتهم ما أتوا و لا اجتمعوا...
أسأل نفسي ماذا حدث و يحدث للجرحى و المرضى و الأطفال الذين عانوا و يعانون نفسياً من هول ما رأوه.. فنحن لم نستحمل مشاهدة هذه المناظر من التلفاز فكيف بالطفل الذي قتلت أمه أمام عينه!!!! ، و أتساءل عن أمورٍ كثيرة لا تظهر و ربما لن تظهر في وسائل الإعلام..
عزاءنا الوحيد أنهم شهداء و أنهم أبطال... أبطال لأنهم كشفون و عَرّونا و أرونا صغر نفوسنا.. عزاءنا كذلك في المقومة الصامدة التي ثبتت و لم تغير أقوالها و أفعالها عندما تغير و تبدل الجميع و اختاروا أن يكونوا غرباء في هذا العالم فتفسخوا من جلد العروبة و الإسلام و أصبحوا مسخاً لمخلوق غريب لا يمثل إلا نفسه بطبيعة الحال...و لذا أقول لهم لا عزاء للغرباء